# # # #
   
 
 
[ 01.10.2009 ]
خطاب التحالف الوطني السوداني في مؤتمر جوبا


النص الكامل الذي القاه رئيس المكتب التنفيذي للتحالف الوطني السوداني اميربابكر في جلسة افتتاح مؤتمر جوبا

السيد/ سلفا كير ميارديت رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان،
الرفيقات والرفاق في قيادة وصفوف الحركة الشعبية،
السيدات والسادة رؤساء وممثلي الاحزاب والقوى السياسية،
 اصحاب وصاحبات الرأي وشركاء صناعته من الناشطين والناشطات في العمل العام، وفي الصحافة والاعلام،
الموقرون اعضاء وعضوات البعثات الدبلوماسية والمنظمات،
الجمع الكريم،
تحية طيبة
قبل اكثر من ستين عاماً، وتحديداً في يومي 10 و11 مايو 1947 انعقد مؤتمر جوبا "ون"، الذي نعتبره الإعلان الأول للدولة السودانية بشكلها الحالي حين وضع المؤتمرون وقتها الأسس التي يجب أن تكون عليها البلاد، وأهمها طلباً بالنظر بعين الاعتبار إلى خصوصيات الجنوب الاثنية المختلفة عن التركيبة والثقافة العربية الاسلامية في الشمال. وهو ما تم تضمنيه بعد عشر سنوات شرطا في إعلان الاستقلال ليُودع النواب الجنوبيين بعد ذلك السجن، وهو ما قادنا الى ما نحن فيه اليوم وهو ما يجب ان يُعتذر عنه اليوم.

جملة الأسس والمبادئ التي تواضعت عليها قوى المجتمع السوداني وقتها، كان يجب تعزيزها بمشروع تحرر وطني يخرجنا من متلازمة المستعمر "كما يقول معلمنا الشهيد د.جون قرنق". وكان يمكن أن تكون أساساً لبناء الدولة السودانية على أسس من الرضى والتوافق والتعاقد، بعيداً عن النخب وموازين القوى التي خلقها وخلَّفها الاستعمار، والتي صارت معياراً يُمجَّد بها "كرام المواطنين" ويهدَّد بها "اولاد الشوارع" ـ وكان بالإمكان عندها تحاشي هشاشة عقدنا الاجتماعي طيلة سنوات حكمنا الوطني مجازاً.

لم تناقش في ذلك الوقت القيم والمفاهيم التي تحرُس هذه الأُسس والمبادئ وضرورتها لقيام دولة المواطنة في اعلان جوبا "ون"، لعلَّ هذا مرده لحسن النوايا والظن وربما الغبطة والفرحة بالاستقلال، التي خلفت خفة عند البعض واستخفافاً عند آخرين. فكانت الغفلة وايضاً الاستغفال أُم وأَب مسلسل نقض العهود والمواثيق كما كتب ابيل الير.

"هذه القيم والمفاهيم تأتي في مقدمتها الحرِّية وتعزيز حق الإرادة الحرة للشعب في الحكم والتشريع، ليتم تعزيز احترام واقع التعدد الاثني والديني والثقافي، والتواطؤ على عدم استغلال هذه المواعين "أو العناوين" سياسياً، والالتزام بتمليك شعوبنا وسائل الوعي وأدوات احترامها لذاتها ليكون اساساً لاحترامها للآخر، وسبيلاً لتطورها، حتى تكون دولتنا أكبر من الدثارات الضيقة، وتُبنى بصورة مستقلة عن انتماءتنا السياسية. دولة تعطي هويتنا قيمتها وتعاظم من إنسانية شعوبها. ولكن وبكل الأسف، فحسن النوايا كان مِهاد الطريق لجحيم الاستغلال البشع للدين وللعرق وللسلطة وضآلة الدولة وضيقها حتى على المواعين الضيقة. فكان أن قامت الاحزاب على أسس دينية وعرقية وطائفية مما أدى لضعف الحركة السياسية عموماً، وبالتالي انعدام الاستقرار السياسي. وقد شهد العقدان الاخيران من عمر حكمنا الوطني قمة تجليات هذه الازمة في التوظيف الديني والاثني والعرقي في الصراع تحت مظلة الشمولية الأخيرة والتي يجب أن نعمل هنا على أن تكون الأخيرة فعلاً.

اننا الآن هنا ليس من أجل الحفاظ على وحدة ظلت هشة.. في دولة كادت أن تضيق بنا ، ولكننا معنيون هنا بإكمال ما بدأناه في جوبا ون، قبل ستين عاماً: صياغة جملة القيم والمفاهيم التي تحرس مبادئ وأُسس تعايشنا في جغرافية السودان كيفما سيكون، فوقائع وعينا قد تضللنا عن واقعنا، ولكنها لن تُغيّر هذا الواقع، ولنا في تاريخنا دروس وعبر، وفي التجربة الانسانية عموماً..   ومعنيون بصياغة هذا الآن وهنا وليست بعد حين في مكان غير: فهذا أول ما نفعله للتكفير عن ظلامات كثيرة ولنوفر على أنفسنا ظلامات أكثر.. هذه القيم ستكون الأساس لتشييد الدولة السودانية: تشييدها وليست صيانتها، وقد تكون جاذبة أكثر في اتجاه اتحاد شعوبها (اتحاد وليست وحدة بأية حال).. يحتاج السلام في دارفور هذه القيم كما يحتاج تضميد الجراح. فدارفور كشفت للذين تصدوا لحل مشكلة الجنوب أن الأزمة ليست جزئية، بل شاملة تستوجب حلاً شاملاً محروس بتلك القيم والمفاهيم التي سنقرها.

هناك مساءلة مرتكبي الجرائم ومحاكمتهم دون التذرع بدعاوى صيانة السيادة وهذه قيمة يجب ان نقرها هنا: لايعقل ان تمنحنا وظائفنا حصانة حتى عندما نفشل في ادائها ونسيء استخدامها!!،، ان نقيم دولة للجميع يسودها حكم القانون وتحرس مؤسساتها الشفافية والعدالة وهاتين قيمتين افتقدناهما عندما ساورتنا الشكوك في التعداد واجتاحتنا الريبة في تقدير ثرواتنا... كما افتقدنا دائما الدولة: أجهزتها وأدواتها وإداراتها، التي هي ملكاً للجميع ويجد الجميع فيها أنفسهم.. دولة تحكم مؤسساتها المهنية والحيدة.. دولة الرأي وحرية التعبير عن الرأي، دولة خُدَّامها الأحزاب وأصحاب المناصب فيها، وليست هيَّ بخادمتهم بأكثر من كونهم مواطنيها.. هذا ما نبحث عنه وما نريده وهو ضروري لنا جميعا. للذين استأثروا بالسلطة زمناً: هذا سيسهل الامر عليكم، للطامحين فيها: هذا سيجعل طموحكم ممكنا...

السؤال:  أن ننجز هذا الآن هنا، ونضع لبنات الدولة المدنية الديمقراطية، والموحدة باذن شعوبها.... هل يدخل في اطار الممكن؟؟ بعد هذا الزمن؟؟ وهذه الهوة بيننا وبين مشروع الدولة؟ والتي تبدو أكبر من الستين عاماً بين جوبا الاولى وجوبا الثانية: هذا ما سيجيب عليه هذا المؤتمر المفصلي في مسيرتنا الوطنية: مؤتمر جوبا "تو".. والذي نشكر للحركة الشعبية استضافته وان كانت هي صاحبة حق ووجعة في إقامته، ولكن يظل هذا مجهود عظيم مستحق للثناء..

ختاماً إن جماهير سوداننا في القرى والفرقان والمدن وفي معسكرات النزوح في شتى أرجائه، وفي الخرطوم وما حولها، معلقة أحلامهم وآمالهم بجمعكم الكريم هذا وهنا في جوبا عاصمة كل السودانيين اليوم...

ودمتم،،
أمير بابكر عبدالله
رئيس المكتب التنفيذي



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



خطاب التحالف الوطني السوداني في مؤتمر جوبا

تحية الحرية والتجديد الخطاب جاء من واقع مينزا وطوقان وقروره والبقية اتيه؟ معا نحو ثورة الحرية والتجديد
وليد ابوشمال (تخلاى)


هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by